قصة البطيخة الاخيرة
كان رجل مسن يزرع
البطيخ في مزرعته وعندما ينضج يذهب به الى أقرب سوق من قريته، وكانت حلاوة البطيخ
معروفة في كل الانحاء فما إن يقترب موسم القطف حتى يتبادر الناس لسؤاله حول موعد
البيع. وعندما يدخل بحماره الى السوق حاملا البطيخ حتى يتجمهر حوله الناس، ويتخاطفون
كل الحبات التي جلبها من المزرعة، وهناك من يضطر للسفر إلى المزرعة للحصول على نصيبه من بطيخ السنة الحلو اللذيذ.
هرم الشيخ بسرعة، فلزم الفراش وغاب عن السوق
مدة طويلة. تدهورت صحته كثيرا فنادى على أبنائه الثلاثة وسألهم عن المزرعة فأخبره الصغير:
" لم يتبق من البطيخ سوى واحدة يا أبي." فتكلم الأب: " أوصيكم يا ابنائي
أن تحتفظوا بها بعد وفاتي، ولا تتركوها تضيع"
توفي الشيخ، فبقي الأبناء دون مأكل أو مشرب،
يتوسلون شغلا بسيطا عند الجيران يتحصلون منه على مال بسيط بالكاد يكفيهم في شراء ما
يحتاجونه. وفي صباح أحد الأيام، صرح الأخ
الأكبر في وجه اخويه :" ما فائدة هذه البطيخة التي تركها أبونا، لما لا نتخلص
منها."
فأجابه الأوسط:"
صدقت يا أخي، فالبطيخة لم تعد صالحة و أظن أن هناك فائدة من الاحتفاظ ببطيخة
فاسدة"
انتفض الأخ الأصغر في وجههما: " أنسيتم
وصيتي أبي، أن لا أوافقكما الرأي إلا بشرط واحد هو أن نفتحها و نخرج البذور
الموجودة بداخلها و نزرعها من جديد." و بعد خصام شديد، اضطر الأخوان الأكبر و
الأوسط القبول بفكرة الأصغر، ففي الأخير سيتخلصون من البطيخة.
اتفق الثلاثة على البدء في العمل حالا، فأخرجوا
البذور وزرعوها و سقوها و اعتنى بها الأخ الأصغر
كثيرا. بعد أسابيع رجعت المزرعة لحالتها الأولى مليئة بالبطيخ اللذيذ والناذر ففهم
الاخوان حكمة أبيهم في ترك البطيخة. فهي الرزق الوفير الذي أغناهم عن التسول والبحث
عن العمل لدى الغير.
إرسال تعليق